محمد محمود يكتب.. مفاعلات أوكرانيا النووية.. وهدف روسيا الاستراتيجى !!

محمد محمود
محمد محمود

مع بدء الغزو الروسى لأوكرانيا، اعتقد البعض انهيار المقاومة الأوكرانية بسهولةٍ، وأنه لن تكون هناك خسائر فادحة على الجانب الروسى.

ورغم دخول الحرب أسبوعها الثالث، فإننا نجد أن ما حدث عكس ما كان يتوقَّعه البعض تمامًا، إذ حتى بعد أن تمكَّنت القوات الروسية من دخول المدن الأوكرانية؛ إلا أنها تجد صعوبةً فى إحكام السيطرة على هذه المدن، فى ظل دعم الغرب للأوكرانيين من ناحيةٍ، وفرض العقوبات على موسكو من ناحيةٍ أخرى.

لقد تطوَّر الأمر دون إعلان الفائز من المهزوم فى هذا الصراع، ومع حِدّة ضغط دول الناتو على الاقتصاد الروسى، أعلنت روسيا جاهزيتها لردع هذا الضغط، مشيرةً إلى أن الأسلحة النووية الروسية جزءًا من استراتيجيتها للردع. 

من وجهة نظرى، فإن هذا الرد جاء فى إطار الحرب النفسية؛ لأن جميع الدول لا ترغب فى استخدام السلاح النووى بما فيها أمريكا وحتى روسيا نفسها، لأن الحرب النووية تعنى فناء البشرية، وكل طرفٍ؛ سواء الروسى أو الأمريكى يملك من الأسلحة ما يكفى لتدمير العالم بالكامل.

وعلى حد تقديرى، ومن خلال المعطيات الناتجة عن المشهد الحالى، والتى تُشير إلى عزم الرئيس الروسى استخدام سلاح ردع آخر للفوز بالحرب فى أوكرانيا، وهو السيطرة على الطاقة، وهذا كان واضحًا إلى حدٍّ ما؛ بعد أن سيطَّر الجيش الروسى على المفاعلات النووية لإنتاج الكهرباء فى أوكرانيا، علمًا بأن تلك المفاعلات تُنتج أغلب احتياجات أوكرانيا من الطاقة الكهربائية. 

ظنَّ الجميع، فى البداية، أن الهدف من سيطرة الجيش الروسى على بعض المحطات النووية، الأيام الماضية؛ مثل محطة زابوريجيا، التى يُوجد بها 6 مفاعلات نووية، تُولِّد 20% من كهرباء أوكرانيا، هو ضمان الأمان النووى، دون التفكير فى السبب الحقيقى والخفى وراء هذا الهدف، وهو التحكُّم فى الطاقة الكهربائية الأوكرانية. 

الواقع يؤكِّد، وبما لا يدع مجالًا للشك، أنه في حالة فشل المفاوضات الجارية حاليا التي أعلن فيها الكرملين عن شروط تعجيزية بالنسبة لكييف لوقف الحرب ستكون السيطرة على تلك المفاعلات، هي ورقة الضغط القوية على الرئيس الأوكرانى لرفع راية الاستسلام؛ لأن الكهرباء ركنٌ مهم من أركان الأمن القومى لأى دولةٍ، خاصةً أن المحطات النووية الأوكرانية تُنتج حوالى 54% من الطاقة الكهربائية هناك. 

إن استهداف الجيش الروسى لمحطات توليد الكهرباء من الفحم فى أوكرانيا، يُؤكِّد صحة سطورى هذه، ويُوضِّح أيضًا نية بوتين لاستخدام السيطرة على كهرباء أوكرانيا كسلاح ردعٍ قوىٍّ؛ للفوز بالحرب، علمًا بأن محطات الكهرباء التى تعمل بالفحم تُنتج حوالى 29% من الكهرباء فى أوكرانيا، وبهذا المُخطط تكون سيطرت روسيا على ما يقرب من 85% من كهرباء أوكرانيا، وبعدها تكون روسيا نجحت فى السيطرة على الأوضاع هناك.